
اختفاء الخصية يعتبر التشوه الجنيني الأشيع للجهاز التناسلي الذكري بنسبة 2-5 % عند الولدان الجدد ، و يعتمد ذلك على العُمُرُ الحَمْلِيّ (للجنين) حيث تكثر النسبة عند الخدج ، و العمر التالي للولادة . تنخفض النسبة عفويا الى 1-2 % في عمر 3 أشهر .
20 % من الخُصْى غَيْرُ النَازِلَة هي غير مجسوسة و يمكن أن تكون في جوف البطن .
تعتبر الآلية المرضية للخصية المختفية متعددة العوامل حيث يتشارك كلا من خلل التنظيم الغدي الداخلي و العيوب الجينية . يتطلب النزول الطبيعي للخصيتين سلامة المحور الوطائي – النخامي – الغدي . يؤثر الخلل الغدي في بداية الحمل على تطور المناسل و على النزول الطبيعي للخصيتين و مع ذلك لا يبدي معظم الولدان مع سوء نزول الخصية أية تغيرات غدية بعد الولادة. و حاليا يطلق على اختفاء الخصية متلازمة سوء تصنع الخصية و التي يعتبر اضطراب الأقناد جزءا منها و تنجم عن عوامل بيئية و جينية في بداية الحمل . تشمل متلازمة سوء تصنع الخصية : اختفاء الخصية و الاحليل التحتاني و نقص الخصوبة و زيادة خطورة السرطان و اضطراب عمل خلايا لايديغ .
حدوث اختفاء الخصية
Incidence of cryptorchidism
معدل حدوث اختفاء الخصية عند القوقاز أكثر بثلاثة أضعاف مما هو عليه الحال عند الأفارقة و الأمريكان .يزداد الحدوث لدى الخدج عن الأطفال كاملي فترة الحمل . في دراسة بريطانية لثلاثة آلاف صبي يزن الواحد أكثر من 2500 غرام معدل الحدوث 2,7 % ، بينما عند الخدج الذي يزن الواحد منهم أقل من 2500 غرام يصل معدل الحدوث الى 21 % . في عمر 3 أشهر يحدث نزول عفوي للخصية عند معظم الولدان ، و ينخفض معدل الحدوث الى 0,9 % اذا كان الوزن أكثر من 2500 غرام و الى 1و7 % اذا كان أقل من ذلك .
نزول و سوء نزول الخصية
Testicular descent and maldescent
يمر نزول الخصيتين بمرحلتين متمايزتين : داخل البطن و ضمن القناة الاربية . يلعب تطور كلا من رَسَنُ الخُصْيَة و الرباط الاربي التناسلي دورا هاما في النزول ضمن البطن ، ينظم الهرمون المضاد لقناة موللر نزول الخصيتين ضمن البطن . يعتمد تحريض رَسَنُ الخُصْيَة على وظيفة الجين Insl3 لدى الفأر . يَتَعَبَّر هذا الجين في خلايا لايديغ ، و حذوفاته المستهدفه تسبب عدم نزول الخصية بالطرفين مع خصى غير مثبتة و كذلك الأقنية التناسلية .يلعب الأندروجين دورا هاما في كلا طوري نزول الخصية ، و كذلك جينات أخرى :
(e.g. the homeobox [HOX] and GREAT/RXFP2 genes [G-protein-coupled receptor affecting testis descent])
أيضا هامة لتطور الأعضاء التناسلية و يمكن أن تترافق مع سوء نزول الخصية .
التحكم الهرموني لنزول الخصية :
Hormonal control of testicular descent
هناك عاملان هرمونيان يمكن ان يتسببا في سوء نزول الخصية ، قُصورُ الغُدَدِ التَّناسُلِيَّة أو عدم الحساسية للأندروجين .يمكن تفسير زيادة التشوهات الانجابية عند ذكور الانسان الى زيادة التعرض للاستروجين خلال الحمل . بعض أنواع مبيدات الحشرات و المواد الكيماوية الصنعية تفعل فعل معدل هرموني ، و تمتلك فعالية استروجينية (xeno-oestrogens) . ان الخصائص الاستروجينية و المضادة للأندروجين لهذه الكيماويات يمكنها أن تسبب احليل تحتاني ، و عدم نزول الخصية و نقص كثافة الحيوانات المنوية و زيادة حودث أورام الخصية في الحيوانات و ذلك بأليات تتوسطها المستقبلات أو تأثير سمي مباشر يترافق مع سوء وظيفة خلايا لايديغ .
التأثيرات الفيزيولوجية المرضية في الخصى غير النازلة
Pathophysiological effects in maldescended testes
تنكس الخلايا المنتشة Degeneration of germ cells
يصبح تنكس الخلايا المنتشة واضحا بعد السنة الأولى من العمر . تتفاوت التغيرات تبعا لتوضع الخصية . بينما في السنة الثانية للعمر ينخفض عدد الخلايا المنتشة . و يكون هناك ضياع كامل للخلايا المنتشة عند 10-45 % من المرضى المصابين . لذلك ينصح بالعلاج الباكر للحفاظ على الخلايا المنتشة خاصة في عندما تكون الحالة في الجانبين . العلاج الجراحي هي الطريقة المعول عليها و الأكثر فعالية في انزال الخصية الى الصفن . طبق العلاج الهرموني بـ hCGبشكل واسع سابقا و لكن حاليا أصبح ملغيا نظرا لزيادة تموت الخلايا المنتشة بعد العلاج به .
العلاقة مع الخصوبة : Relationship with fertility
مُتَثابِتات parameters المني عادة متراجعة لدى الرجال بقصة عدم نزول خصية . يمكن أن يكون للعلاج الجراحي خلال السنة الأولى أو الثانية من العمر أثرا طيبا و ايجابيا في الخصوبة اللاحقة . و مع ذلك لا دليل نهائي على التأثير الوقائي لتثبيت الخصية الباكر . بينما تكون الوالدية بمعنى امكانية الانجاب عند من لديهم جانب واحد من عدم نزول الخصية حوالي 89.7 % بالمقارنة مع الرجال الطبيعيين . حيث الوالدية لدى هؤلاء لا علاقة لها بالعمر الذي تم فيه تثبيت الخصية و وضع و حجم الخصية قبل العمل الجراحي . و مع ذلك وجود قصة عدم نزول خصية ينقص من وضع الخصوبة كأن يتأخر حدوث الحمل . يوجد نقص تعداد النطاف بنسبة 31 % عند الرجال بخصى غير نازلة بالطرفين و انعدامها بنسبة 41 % . و في حالة ثنائية الجانب امكانية الوالدية 35-53 % . تثبيت الخصى حتى في عمر متأخر و رغم وجود انعدام النطاف في الحالات الثنائية يمكن أن يؤدي الى ظهور النطاف في المني .
أورام الخلايا المنتشة : Germ cell tumours
يعتبر عدم نزول الخصية عامل خطورة لحدوث أورام الخصية و يترافق مع تكلسات دقيقة في الخصية و مع سَرَطانَةٌ لابِدَة CIS
. من بين 5-10 % من سرطانات الخصية هناك قصة عدم نزول خصية . خطورة حدوث أورام الخلايا المنتشة هو 3.6- 7.4 مرات أكثر من العامة ، و 2-6 % من الرجال ممن لديهم قصة عدم نزول خصية سوف يتطور لديهم سرطان خصية .
اذا أجري تثبيت الخصية قبل عمر البلوغ هناك تقارير توضح امكانية أن ينقص احتمال حدوث السرطان . و لكن هذه التقارير تعتمد على معطيات سابقة لذلك لا يمكن استبعاد أن ينضوي من أجري له تثبيت خصية باكر أو متأخر تحت مجموعات جينية مرضية متنوعة لسوء نزول الخصية .
علاج الخصى غير النازلة : Treatment of undescended testes
العلاج الهرموني : Hormonal treatment
استعمل كلا من مُوَجِّهَةُ الغُدَدِ التّناسُلِيَّةِ المَشيمائِيَّةُ البَشَرِيَّة
Human chorionic gonadotrophin (hCG)
أو الهُرْمونُ المُطْلِقُ لمُوَجِّهَةِ الغُدَدِ التَّناسُلِيَّة
gonadotropin releasing hormone (Gn-RH)
بشكل واسع في الماضي لعلاج عدم نزول الخصية . رغم أن 15-20 % من الخُصْى المُنْحَبِسَة تنزل الى الصفن خلال العلاج الهرموني واحد من خمسة من هذه الخصى تعود للأعلى . و لكن العلاج بـ hCG يمكن أن يؤذي الخلايا المنتشة مستقبلا من خلال زيادة تموت الخلايا المنتشة لذلك لا ينصح بالعلاج الهرموني .
العلاج الجراحي : Surgical treatment
معدل نجاح العلاج الجراحي للخصى غير النازلة 70-90 % . في حال قصر الحبل المنوي أو الأوعية المنوية و لم يسمح ذلك بوضع الخصية في الصفن يمكن اتباع طريقة
(Fowler–Stephenson procedure) على مراحل . يمكن تطبيق عدة طرق كالجراحة المفتوحة أو عبر تنظير البطن أو الجراحة المجهرية . لا يزال العمر المثالي لتثبيت الخصية محل جدل ، أشارت بعض الدراسات الى التأثير المفيد للعلاج الباكر خلال السنتين الأولى من العمر نظرا للحفاظ على الخصوبة مستقبلا . هذه الدراسات اعتمدت على معطيات سابقة . من ناحية أخرى بينت دراسة عشوائية حديثة أن العلاج بعمر 9 أشهر يؤدي الى زيادة و لو طفيفة في حجم الخصية حتى عمر 4 سنوات ، بالمقارنة مع الجراحة في عمر 3 سنوات ، هذا يشير بشكل واضح أن العلاج الباكر ذو أثر مفيد على نمو الخصية ، يعتبر حجم الخصية مؤشر غير مباشر و تقريبي على نشاط الخلايا المنتشة و هذا يعطي أمل أن تثبيت الخصية في هذا العمر يمكن له أن يحسن من انتاج النطاف مستقبلا .
يمكن لاجراء خزعة من الخصية عند الجراحة أن يكشف CIS و بالتالي استئصال الخصية ، و منع تطور أورام خصية خبيثة . اذا لم تجرى الجراحى حتى عمر الكهول يجب أن لا تستأصل الخصية لأنها ما زالت تفرز التستوستيرون . و أكثر من ذلك الجراحة في حال ثنائية الجانب و حتى عند الكهول يمكن أن تؤدي الى انتاج النطاف عند من كان لديهم انعدام في النطاف . عند متابعة تثبيت الخصية تبين أن المضاعفة الأشد هي الأذية الوعائية و تسبب ضمور الخصية بنسبة 1-2 % . معدل الضمور بعد الجراحة في الخصى التي لم تكن مجسوسة و لكن الحزمة الوعائية كانت كافية لانزال الخصية هو 12 % بينما يصل الى 40 % في حال تثبيت الخصية على مراحل .
الاستنتاجات : Conclusions
- يعتبر عدم نزول الخصية متعدد العوامل في المنشأ و يمكن أن ينجم عن عوامل جينية و خلل صماوي خلال مراحل الحمل الأولى .
- يترافق عدم نزول الخصية مع خَلَلُ التَّكَوُّن في الخصية و يعتبر كعامل خطورة للعقم و أورام الخلايا المنتشة .
- لايزال فيما اذا كان التداخل الجراحي الباكر يمنع ضياع الخلايا المنتشة موضع نقاش ، و لكن من خلال دراسة عشوائية فانه يحسن نمو الخصيتين فيما اذا تم التداخل في عمر 9 اشهر بالمقارنة اذا تم في عمر 3 سنوات .
- تعادل الوالدية عند من لديهم خصية غير نازلة بطرف واحد الوالدية عند من ليس لديهم قصة عدم نزول خصية .
- تنقص امكانية الوالدية بشكل واضح عند من لديهم قصة عدم نزول خصية بالطرفين .
التوصيات : Recommendations
- يجب الامتناع عن العلاج الهرموني للخصى غير النازلة بسبب زيادة تموت الخلايا المنتشة و بالتالي نقص النطاف .
- يفيد تثبيت الخصية بعمر 6-12 شهر في تطور الخصية عند البلوغ .
- يجب اجراء خزعة خصية اثناء عملية تثبيت الخصية في حال أجريت للكهل و ذلك لنفي وجود CIS.
ترجمة طبية علمية : الدكتور أحمد فريد غزال
المصدر :European Urology Guidelines 2017
آخر تحديث آذار 2018
جميع الحقوق محفوظة : العيادة البولية التناسلية